شهدت وزارة الخارجية الروسية اليوم مباحثات روسية_ فلسطينية, على ثلاث جولات متتالية, دامت أكثر من أربع ساعات كاملة, حضرها عن الجانب الروسي وزير الخارجية سيرغي لافروف, ونائبه مبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف, ورؤساء أقسام الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الروسية, وحضرها من الجانب الفلسطيني الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، نايف حواتمة، على رأس وفد كبير من الجبهة في زيارة إلى العاصمة الروسية موسكو بدعوة رسمية من الخارجية الروسية.
وتناول الجانبان القضايا الراهنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, وبشكل خاص القضية الفلسطينية والأوضاع الساخنة في كل من العراق وسوريا, واليمن والجزائر و السودان وليبيا. كما توقفا مطولاً أمام نتائج الانتخابات "الاسرائيلية" وتداعياتها المرتقبة على قضايا المنطقة. واستعرضا معاً الأوضاع الدولية وسياسات الادارة الأمريكية التي باتت تنزع نحو استعادة أجواء الحرب الباردة, ودق طبول الحرب الاقتصادية ضد الدول والشعوب المتمردة على سياسة التبعية لواشنطن ومشاريعها الإمبريالية.
واتفق الجانبان على أن "صفقة ترامب" بشأن الشرق الأوسط هي مشروع لحرب جديدة في المنطقة، لأنها تقوم على تصفية القضية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ودعم سياسات الاحتلال التوسعي الاستعماري "الاسرائيلي" العنصري. وإعادة رسم الخطوط السياسية الجيوسياسية في المنطقة، ونسف قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي, لصالح منطق القوة وسياسة فرض الأمر الواقع, في فلسطين, والجولان و جنوب لبنان, والخليج العربي.
كما استعرض الجانبان تطبيقات الصفقة الأمريكية المزعومة "للسلام"، وخطرها على قرارات الشرعية الدولية, وعلى الحقوق الوطنية الفلسطينية, وفي هذا السياق أكد الجانب الروسي "موقفه الثابت من القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية في تقرير المصير, وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران67, وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب القرار194 الذي يكفل لهم حق العودة", كما أكد أن الانقسام القائم في الحالة الفلسطينية "أمر محزن جداً بالنسبة لموسكو لأنه يضعف الفلسطينيين ويضعف أصدقاءهم ومحاولات دعم القضية الفلسطينية وإسنادها في المحافل الدولية".
وعبر الجانب الروسي عن حزنه الشديد لما انتهت إليه الجولة الثالثة من الحوار الفلسطيني في موسكو( 11_13/2/2019)، وفشل الأطراف الفلسطينية في الوصول إلى توافق على بيان ختامي، يوفر لموسكو الفرصة لأداء واجبها نحو الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه أمام السياستين الأمريكية و"الإسرائيلية".
ورحب الروس باقتراح حواتمة أن تستضيف موسكو جولة رابعة للحوار الفلسطيني، من شأنها أن تؤدي إلى توافقات سياسية على طريق إنهاء الانقسام, وتجاوز العوائق التي عطلت التفاهم والاتفاق في الحوار الثالث.
كما رحبوا بقرارات الإجماع الفلسطيني في المجلس الوطني في 30/4/2018، ورأى الجانب الروسي أنها خطوة مهمة على طريق العودة إلى الشرعية الدولية، وقطع الطريق على صفقة ترامب و الاستفراد الأمريكي, كما أن من شأنها أن تعزز دور أصدقاء الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه وإسناده في المحافل الدولية.
واتفق الجانبان على أنه سيكون لنتائج الانتخابات "الإسرائيلية" تداعياتها في المنطقة, خاصة في ظل تصاعد احتمالات عودة اليمين المتطرف إلى الحكومة, بعد أن كشف نتنياهو عن توجهاته وخططه بضم الضفة الفلسطينية بدعم من إدارة ترامب وبناء دولة اسرائيل الكبرى.
وفي هذا الجانب أكد الجانب الروسي رفضه خطوات ترامب بشأن القدس والجولان مؤكداً أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية, وأن الجولان أرض سورية, وأن موسكو ترفض سياسة رسم خرائط في المنطقة باستعمال القوة والعودة بالعالم إلى أجواء شبيه بما كان عليه العالم عشية الحرب العالمية الثانية.
واتفق الطرفان على ضرورة العمل من أجل الدعوة لمؤتمر دولي لحل المسألة الفلسطينية برعاية الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية, وإشراف الدول الخمس دائمة العضوية, بديلاً لسياسة الانفراد الأمريكي, القائمة على فرض الأمر الواقع والانقلاب على القوانين وقرارات الشرعية الدولية.
وفي الجولتين الثانية والثالثة استعرض الجانبان الأوضاع العربية والإقليمية, والدولية, واتفقا على ضرورة مواصلة المباحثات والمشاورات, والعلاقات بين موسكو و الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين .